«مانيفستو» مصطفى إبراهيم:«امسك عصاية ثورتك من الطرف»

مصطفى ابراهيم
الأبنودى قال إن «فلان الفلانى» التى تحولت لأغنية هى القصيدة الوحيدة عن الثورة التى غار منها وتمنى لو كان كاتبها
كتب : حازم دياب الأربعاء 06-03-2013 10:59
مصطفى ابراهيم
«ثم فجأة الكل يتعب/ ثم إن الجيش هيقتل/ ثم إحنا حمارنا يغلب/ ثم جيم الدومينو يقفل/ ثم مصر عاوزة زقّة/ ثم ناس ما تقولش لأه/ يركبوا ع الثورة تانى/ ثم نخسر.. ثم نكسب».. هكذا بأشعار من قصيدة «ثم دارت اللمونة» يعبر الشاعر الشاب مصطفى إبراهيم عن الحال التى تعيشها مصر حالياً، فى ديوانه الذى صدر مؤخراً بعنوان «المانيفستو». يبلغ مصطفى من العمر 27 عاماً، مهندس طيران يقرض الشعر العامى، لم تعطه الهندسة الحظ الوافر ففتح عليه الشعر أبوابه، ديوانه الأول «ويسترن يونيون فرع الهرم» نفدت منه أربع طبعات، وما لبث ديوانه الجديد الذى صدر منذ شهر أن نفدت طبعته الأولى. شاعر يحبه الشباب ويحبهم، تجده فى الصفوف الأولى منذ اندلاع الثورة، يقول إنه يشارك من واقع مصريته وإحساسه ويكتب ما يشاهده بوازع التوثيق، يؤمن بأن الكتابة الواقعية أنجع، تصل إلى المواطن البسيط الذى يحتاج فى أغلب الوقت إلى من يجيد الكتابة عنه شعراً، وبكلمات متراقصة تصلح للتغنى. لا يجيد مصطفى الكتابة عن الفراشات الطائرة والحمام النائح، يعترف بأن الواقعية وما يحدث على الأرض سبيله الوحيد لكتابة الشعر.
حاول مصطفى معالجة الاكتئاب الذى يشعر به منذ بدء الثورة ففشل، يقول إن الثورة أثقلته، جعلته زاهدا فى الصداقة والحب والعمل، أصبحت الثورة جاثمة على الصدر، يطرب لنجاح أهدافها، ويغتم لفشلها. يحكى أنه حاول الذهاب إلى طبيبة نفسية، لكنه لم يعرف، فكتب قصيدتين تحت عنوان «تفرانيل» وهو دواء مضاد للاكتئاب، تخيل فيهما حواراً مع طبيبة.
فى ديوان «المانيفستو» سبع قصائد، موزعة فى الكتاب فى مطلع كل فصل، يكتبها بشكل هندسى، وهو الشىء الوحيد الذى استفاده من مهنته على حد قوله، حيث يسميها «قواعد الدائرة السبع»، وفيها ينثر من الحكمة التى خلص إليها طوال عامين عامرين بالأحداث.
رغم كل ما مر به، لم يفقد مصطفى أمله فى الثورة، يعيش على أساس أنها مستمرة، يقول: «قد يتأخر النجاح، لكنه آت لا ريب فيه»، يشير إلى أن إيمانه بالله هو الذى يجعله على يقين من أن الله سينصر ذلك الوطن، وهذا الشعب الذى قتل وشرد وجاع ليحصل على كرامة وعيش طال انتظارهما. يعرف مصطفى دائماً بأنه صاحب قصيدة «فلان الفلانى» التى حولت لأغنية، وقال الأبنودى إنها القصيدة الوحيدة عن الثورة التى غار منها، وتمنى لو كان كاتبها. رغم ذلك يقول مصطفى إنه غير راض بشكل كامل عن التجربة، حيث إن الأداء اللحنى للأغنية قد يحمل موسيقى أفضل من ذلك تتناسب مع كلمات الأغنية. لا ينفى أن الأغنية تضفى على الشعر جمالاً، ويحلم بأن تتحول كلماته إلى أهازيج يرددها الشعب، ومطربه وصديقه المفضل محمد محسن هو أفضل من يؤدى ذلك، على حد تعبيره.
فكر مصطفى طويلاً فى الطريقة المثلى التى يوثق بها الثورة شعراً، تحدث مع رفيق دربه الشاعر أحمد العايدى، فرشح له طريقة «المانيفستو»؛ أن يضع ما يشبه ميثاقاً شعبياً مقسماً على أحرف اسم الديوان، فى حرف الميم مثلا يقول: «ماسبيرو أخطر م الرصاص والقصر/ ملّى عينيك بالدم قبل الطلوع قدام/ متسبش جيشك تقسمه الأعلام/ مش كل مين جنبك جواه بيهتف مصر».
يتفق الشاعر الشاب مع مقولة المخضرم مريد البرغوثى، بأن الناس يتعلقون بالشعر المباشر فى أزمنة البطش فقط، أزمنة الخرس الجماعى، أزمنة الحرمان من الفعل والقول، تلك التى يهرب فيها الناس إلى الشعر. ويرى مصطفى أن مصر تعيش الآن حالة من البطش شديدة، لا سيما أن القمع الآن يجىء باسم الدين. ويحكى وقائع قصيدته عن الحسين قائلاً: «إن الكل يتخيل كتابته لها بعد الثورة، نظراً للجزء الخاص بالشهيد محمد مصطفى»، الذى استشهد فى أحداث مجلس الوزراء، الذى قتل ومصطفى لا يبعد عنه سوى أمتار قليلة، يقول مصطفى إنه كتب القصيدة فى أمريكا قبل الثورة، وأصر على أن يوثق قصة الحسين واستشهاده شعراً، فأخذ ينظمها على شكل فيلم، لكنه فى مشهد استشهاده وقف عاجزاً، تعلقت الكلمات، وأصابته «قفلة الكاتب»، فاضطر إلى «ركن» القصيدة كما يفعل دائماً، واثقاً أن أوانها سيحين، وبالفعل عقب رؤيته لمشهد استشهاد محمد مصطفى أنهى قصيدة «الحسين» أخيراً، واختار هذا المقطع للغلاف الخلفى.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق