أمامة الزائر:
|
||
السياسيّ يعتبر الثقاقة زوجة مسيار
|
||
19/01/2013 01:37:00 م
|
||
تساءلنا كثيرا عن واقع المشهد الادبي في تونس وحاولنا كثيرا أن نفكّكه ونتبيّن تفاصيله، فتشنا عما يمكن أن يكون مختلفا ويؤسس للبديل الثقافي وتجرّأنا علي النظر ولم نقف خلف الابواب... رأينا خورا وارتدادا عن الشعر. رأينا شعراء (بين قوسين) تواطؤوا ضدّ القصيدة وتآمروا ضدّ الجمال، واكتفوا بالشّعارات الرنانة وبالقشور اكتفوا بالحيز الضيق أو بمربّع واحد في رقعة الشطرنج الشعري.شعراء تونس يلعبون لعبة النّرد لا يلتزمون بموقف ولا يحملون مشروعًا فنيا. يرمون النرد هكذا، قد يوفقون وقد ينخرطون في العبث المرير. شعراء (بعضهم) اكتفي بالتحديق إلي الشوارع الخلفية والمسكوت عنه وتزاحموا في الزّوايا، شعراء ظنوا أن الشعر أقلام وأوراق ومحفظة توهم الآخر انهم مختلفون.لم يكونوا مختلفين عن هذا الآخر بقدر ما ساهموا في تنميط صورتهم وتخلوا عن واجبهم الاستيطيقي وهمّشوا الأدب في شارع احتفي بكلّ الفنون، واغمض عينيه عنهم، وانخرطوا في الردّاءة: رداءة الموقف ورداءة فنية ورداءة فكرية.وقد بحثنا نحن هذا الجيل الجديد في إمكانات الحضور الشعري المختلف واكدناه في مشاركاتنا في الملتقيات والمهرجانات، وأردنا كسر نسق السائد والمألوف واجتهدنا فيما نحاوله من محاولات شعرية لنثبت اختلاف نصوصنا التي تهجس بالفنّي الجمالي وتنطق بالمسكوت عنه. لم نكتف بما رُسم لنا من مسارات و«رقصنا في حقول الألغام» وكان ينبغي أن نقول كفي تهميشا للشعر وللشعراء، وأن نوجد البديل... حاولنا تأسيس حركة شعرية تهجس بالاختلاف، رغم اختلافاتنا الفكرية والايديولوجية واقتراحاتنا الفنية نفسها لكننا اتفقنا علي أنّ ما يجمعنا ايماننا بالنّص الشعريّ وفعله التاريخي واختلفنا كثيرا... واختلفنا كثيرا... لكن لعلّنا نوجد من صراعنا ذاك فتيل البداية... قد نكون مشينا في طريقنا خطوة أو خطوتين لكننا حتما مازلنا نعلم ضرورة وجود حركة شعرية في المشهد الأدبيّ التونسي ومازلنا نعلم ان «السير علي مهل يوصل إلي البعيد».@ ما سقطت فيه بعض الأحزاب السياسية من اعتبار الثقافة ترفا فكريّا أو «بريستيج» للسياسي وأصبحت بذلك تباهي بالعمل الثقافي الذي لا تعتبره من أولوياتها وهنا يكمن الاحراج إذ كيف لحزب سياسي يغيّب في برامجه الثقافة ويعتبرها وسيلة لاستقطاب النخبة لا غير، ان يؤسس مشروعيته السياسية نفسها؟!نحن جميعنا نعلم أهميّة الفعل الثقافي في المجتمع، ويبدو أنّ بعض الأحزاب السياسية اغفلت هذا وانطلقت بجموح الي السياسويّ. ولعلّّها لم تفطن بعد إلي هذه الثغرة في برامجها أو لعلّ الثقافة لا تعنيها وهو ما نلاحظه من خلال مشاهدتنا لجرائدها أو حواراتها اذ نتبيّن تهميش الثقافة التي يبدو ملمحها غائبا وضبابيّا إن لم نقل غير موجود أصلا وهنا اعتقد ان للمثقف (الذي ينتمي إلي هذه الأحزاب) دورا بارزا يتمثّل في تكريس رؤيته الفنية وتأكيد أهمية حضور الثقافي رغم ان اغلب مثقفي الاحزاب يلهيهم السياسي فيهملون الثقافة التي تجيء عندهم في المحلّ الثاني ويصبح للثقافة بذلك بعد تكميلي لا تأسيسي.وتجدر الاشارة إلي غياب ملاحق ثقافية تُعني بالمشهد الثقافي في تونس رغم بعض المحاولات التي تسعي إلي ترسيخها في جرائد الأحزاب لكن هذه الصفحة تظل رهينة التّجاذبات السياسية وغلبة الحدث السياسي فلا تكون صفحة قارّة أساسية إذ يمكن التخلي عنها في أيّ لحظة ولهذا أعتقد أن الطرح السياسي الذي يعتبر الثقافة زوجة مسيار أو زوجة ثانية لا يلجأ إليها إلا للتعبير عن التّرف وعن الرغبة في الترفيه، لا يمكن ان يقدّم بديلا سياسيا في حذّ ذاته.@ ما يُحزن حقّا هو غياب الملاحق الثقافية التي تؤثث لمشهد ثقافي بديل، طبعا لا نستطيع ان نطالب بملحق كامل إذا عجزنا عن ايجاد صفحة ثقافية قارّة! كما لا ننسي غياب الفضاءات التي تسمح بوجود أشكال مختلفة من الأقلام الثقافية التي تجمعها الرؤية الفنية والهاجس الإبداعيّ، ولعلّنا في إطار مشروعنا الادبيّ نسعي إلي بعث مجلة تُعني بالثقافة البديلة وتقدّم طرحا فنيّا وثقافيّا طبعا هذا مشروع مازلنا نحلم به نحن الجيل الجديد ولعلّنا نبعثه قريبا إذا تشكلت ملامح هذه الحركة التي نسعي إلي تأسيسها واريد أن اشير إلي أن تهميش الملاحق الثقافية وتغييبها كان نتيحة سياسة كاملة انتهجها الدكتاتور بن علي لإضعاف المثقف التونسي، والنيل منه ووضعه في خانة العجز.واليوم بعد انتفاضة 14 جانفي ينبغي أن نضطلع بدورنا الثقافي والتاريخي ونجتهد من أجل فرض الاهتمام بالثقافة وإيجاد فضاءات حقيقية لطرح بدائلنا الفكرية والفنيّة.وأعتقد أنّه علينا ان نخرج من الحيّز الضيق المسموح به لنا وأن نفتح أبوابا أخري ونؤسس خارج الحدود رؤية جمالية تعبّر عن واقع الشارع التونسيّ وتطرح هموم الإنسان. |
أمامة الزائر: السياسيّ يعتبر الثقاقة زوجة مسيار
وصف الكاتب هنا يمكن تعديل هذا الوصف من داخل القالب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق