جرافيتي

جرافيتي
شاهد على الثورة
كان لأهمية الأحداث المرتبطة بثورة 25يناير دوراً واضحاً في انتشار فن الجرافيتي الذي يعد نوعاً من أنواع الفنون التشكيلية الهامة التي تفتقر لوجود مراجع توثيقية ، خاصة في منطقتنا العربية حيث كان يعد نوعاً من الفنون المرفوضة لاحتوائه على رسومات وكتابات نقدية وتهكمية للواقع ، كما أنه من الفنون التي تفتقد عامل الاستمرارية لسرعة تعرضها للتلف لسوء الخامات المستخدمة في التنفيذ ، وعدم تمشيها مع السطح الحامل ، فضلاً عن تحطيمها من قبل السلطات ومطاردة منفذيها من الشباب الغاضب على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ومع أحداث ثورة 25 يناير في مصر انتشرت أعمال فن الجرافيتي بشكل ملفت للنظر الأمر الذي يتطلب المزيد من الدراسة والبحث خاصة في مجال الفنون التشكيلية أو العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتعد ظاهرة انتشار فن الجرافيتي أثناء الأحداث التاريخية لثورة 25يناير لها دورها التوثيقى في مسايرة الأحداث بتسجيلها وتوصيلها للآخر في شكل على هيئة رسومات وكتابات على الأسطح الجدارية المختلفة مما جعلها من أهم المدونات والوسائل الأعلامية التى ساهمت على نجاح الثورة . وفن الجرافيتي هو الجمع بين فن الرسم والكتابة المباشر على الأسطح الجدارية المختلفة ، ويعد من أحدث الفنون التشكيلية وأسرعها انتشارا ، حيث عرف هذا النوع كفن معترف به لأول مرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وكان مولده مدينة باريس بفرنسا حيث كان ينفذ على هيئة رسومات وكتابات على الواجهات للمباني والأسوار وفى الطرقات وعلى أسطح عربات القطار والحاويات , وحمل تعبيرات احتجاجية وتهكمية وإباحية أحياناً، ومنها أنتقل إلى باقي المدن الأوربية وأمريكا الشمالية والجنوبية وقبل بالرفض والمقاومة من قبل الأنظمة والحكومات ، وأخيراً ومع بدايات القرن الواحد والعشرين وصل فن الجرافيتي إلى منطقتنا العربية ولكن كان مجرد تقليد غربي باهت أو عبارة عن كتابات ساذجة لا تحمل مضامين فكرية أو قيم جمالية ، أو أعمال فنية لمجموعة من الفنانين اعتبرت محاولات أو تجارب منظمة كانت بعيدة كل البعد عن أهم مميزات وأهداف فن الجرافيتي المتعارف عليه الآن حتى انطلقت الثورات العربية مع بدايات عام 2011م ـ والتي أطلق عليها ثورات الربيع العربي ـ ولما كان لثورة 25 يناير مردوداً عالميا ً واسعاً قبل بالاندهاش والدعوة للإقتداء لشكلها السلمي وطريقتها الحضارية المبهرة , حيث توحد الشباب على هدف واحد وعبر عن متطلبات ثورته بأساليب حضارية متنوعة واجه بها قوة العسكر وبطش النظام , وكان من أهم تلك الوسائل الملحوظة فن الجرافيتي ، حيث قام الشباب بتنفيذ أعماله منذ بداية الثورة في ميادينها الأولى الثلاث ( ميدان التحرير والأربعين والقائد إبراهيم ) ومنها انتشر إلى باقي مدن الجمهورية ، وحملت تلك الأعمال موضوعات وعناصر جمعت مابين فني الرسم والكتابة بخامات وأدوات مختلفة ، وكما سبق القول بأن هذا النوع من الفنون يعد فنا ً وافدا ً على ثقاتنا العربية والشرقية ، لذلك وجدت فيه بعض التأثيرات الغربية الواضحة والجلية بسبب كون هذا الفن الآن من أهم الفنون انتشاراً وتميزا ً بثقافته العالمية التي لا وطن لها فكل المدن العالمية الآن تمارسه بشكل يتشابه فيه الشكل والمضمون من خلال تشابه العناصر والموضوعات. ومن خلال هذا الكتاب نتجه إلى عرض بعض النماذج من الأعمال التي نفذت خلال الثورة التي لازالت مستمرة بتتابع الأحداث حتى كتابة هذه السطور ومعرفة الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أدت لقيامها مع شرح لأحداثها أول بأول ، من خلال أعمال الجرافيتي التي نفذها مجموعة من شـباب فناني الثورة أو التي ساهم فى تنفيذها بعض المؤسسات والهيئات تضامنا ً معها وتأكيداً على استحقاق الشعب المصري لأهم أهدافها وهو الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، كما يعتمد الكتاب ميدانيا ًعلى تجميع أكثر قدر من الأعمال لتوصيفها وقراءتها تشكيليا ً والوقوف على أهم الملامح القومية المحلية ومزجها ببعض العناصر المميزة لخصائص فن الجرافيتي العالمى الى نجد فيه حضوراً واضحا ً لفكرة وثقافة الآخر ، ولا يظهر ذلك الحضور فقط من خلال التقنية أو الأسلوب، وإنما أيضاً من خلال الأفكار التي تقوم عليها الأعمال ، حيث نجد طابعا ً نقدياً وتوثيقا قريباً بروحه من منتجات فنية عالمية ذات طابع ثقافي قائم على جعل الفن أداة لتوثيق الأحداث المهمة لدى الشعوب .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق